U3F1ZWV6ZTI1NzIyOTAyNjgzNTkwX0ZyZWUxNjIyODIzMTI5NDI3MQ==

غزوة احد والدروس المستفادة منها (3هجري)

غزوة احد والدروس المستفادة منها

غزوة أحد 3هجري وأسباب هزيمة المسلمين


غزوة أحد والدروس المستفادة منها

بعد هزيمة المشركين في غزوة بدر وكسر شوكة قريش بين العرب لم يرق لقريش ذلك ، وبدأوا في عد العدة بعد هزيمتهم النكراء في بدر ، وأقسم أبو سفيان ألا يمس رأسه ماء من جنابة حتى يغزو محمدا ، فخرج في ذي الحجة على رأس مائتي راكب من قريش ، تدفعه رغبة انتقامية من محمد وأصحابه ، وعند وصوله مشارف المدينة ، تسلل ليلا الى أحياء بني النضير ، وطرق الباب على أحد زعمائهم (حيي بن أخطب) ، فدفعه خوفه الى أن يغلق الباب ، ثم ذهب أبو سفيان الى سلام بن مشكم ، سيد بني النضير ، آنذاك فاستضافه وقدم له بعض المعلومات .

وفي فجر اليوم التالي قام أبو سفيان بإرسال جماعة من أصحابه الى ناحية العريض في المدينة فحرقوا نخيلها وقتلوا رجلا من الأنصار وحليفا له وهما يعملان في حرث لهما ، ثم انصرفوا راجعين . وعندما انتشر نبأ الهجوم بين الناس خرج الرسول صلى الله عليه وسلم بنفسه لطلبهم ، واستعمل على المدينة "بشير بن عبد المنذر" فلما أحس أبو سفيان وأصحابه أنهم مدركون تخففوا من أزوادهم ومعظمها من السويق ، طارحين إياها في عرض الطريق ، وتمكنوا من النجاة .

وبعد تشديد الحصار من المسلمين على قريش في تجارتهم على طريق مكة التجاري قررت قريش أن تتجاوز هذا الحصار وتسلك في تجارتها طريقا آخر وهو الطرق المتجه للعراق بعيدا عن يثرب ، وقد خرجت إحدى قوافل قريش وتحمل مقادير كبيرة من الفضة ، يقودها عدد من الرجال فيهم أبو سفيان ودليلها فرات بن حيان ، إلا أن الرسول صلى الله عليه وسلم سرعان ما بلغته أنباء القافلة الغنية فبعث على جناح السرعة، سرية يقودها زيد بن حارثة ، تمكن من مباغتة القافلة في منطقة في نجد  تدعى (ماء القردة) فهرب رجالها تاركين بضائعهم لقمة سائغة للقائد المسلم الذي عاد بها الى المدينة لرسول الله .

كانت هذ البداية جعلت قريشا تسوق الى الاسراع بتوجيه ضربة قاصمة للمسلمين انتقاما لما لحقهم في بدر ، وكسرا للحصار الاقتصادي الذي ازدادت وطأته في أعقاب بدر وذي القردة ، واجتمع عددا من زعماء قريش ومن أصيبوا في بدر ومن مات أقربائهم  وتنازلوا عن بعض أموالهم للتجهز للمعركة القادمة .

عدد المشركين في غزوة أحد

استنفرت قريش كل قادر على حمل السلاح من أبنائها ، ودعت الأحابيش وحلفاءها من قبائل كنانة ، وأهل تهامة وثقيف للإنضمام إليها فبلغوا ثلاثة آلاف رجل بضمنهم سبعمائة دارع ومائتا فرس وثلاثة آلاف بعير .. واستدعيت النساء للخروج كي يثرن الحمية في نفوس المقاتلين ويمنعنهم من الفرار ، وتولى القيادة أبوسفيان ، فسار بهم طاويا الصحراء حتى نزل قريبا من جبل أحد شمالي المدينة ، وعندما سمع الرسول صلى الله عليه وسلم بعث ثلاثة من أصحابه ليأتوه بأخبارهم وأمر بتشديد الحراسة على المدينة، وعرض على أصحابه أن يظلوا في المدينة ، ولكن عدد من كبار الصحابة ألحوا على النبي الى الخروج قائلين : إنا نخشى يا رسول الله أن يظن عدونا أنا كرهنا الخروج جبنا عن لقائهم  فيكون هذا جرأة منهم علينا .

وقال مالك بن سنان : يا رسول الله نحن والله بين إحدى الحسنيين إما أن يظفرنا الله بهم ، أو يرزقنا الشهادة . وقال حمزة : والذي أنزل عليك الكتاب لا أطعم اليوم طعاما حتى أجالدهم بسيفي هذا خارجا من المدينة . وقال النعمان ابن مالك : يا رسول الله  لم تحرمنا الجنة ؟ فوالذي لا اله الا هو لأدخلنها . سأل الرسول بم ؟ قال : إني أحب الله ورسوله ولا أفر يوم الزحف ، فقال الرسول : صدقت . وقد اقرهم على ذلك كثير من الصحابة الأجلاء والشباب الذين لم يشهدوا بدرا ، الأمر الذي يفسر لنا استجابة الرسول عليه الصلاة والسلام لوجهة نظرهم ، وعدم تردده  في قبولها اعتمادا على ثقته بهذا العدد الكبير .

وخوفا من طول النقاش وتعرض المسلمين للخطر ، وتلبية لنداء الشباب المتحمسين للقتال أسرع النبي الى بيته ولبس درعه وحمل سلاحه ، وما أن رآه المسلمون الذين ألحوا بالخروج حتى ندموا وقالوا : استكرهنا الرسول صلى الله عليه وسلم ولم يكن لنا ذلك ، وعرضوا عليه أن يعود الى رأيه الأول ، إلا أنه قال: " ما كان لنبي إذا  لبس لامته أن يضعها حتى يقاتل ، فانظروا ما أمرتكم به فافعلوه ، فلكم النصر ما صبرتم".

عدد المسلمين في غزوة أحد

غادر النبي المدينة على رأس ألف مقاتل ، بعد أن وضع نساءها وصبيانها في الحصون والآطام حتى إذا قطعوا شوطا من الطريق الى أحد انسحب ابن أبي بثلث الناس وقال مبررا ذلك : أطاعهم وعصاني ، ما ندري علام نقتل أنفسنا هاهنا أيها الناس ؟ فتبعهم عبدالله بن عمرو ابن حزام يحثهم على الرجوع لإخوانهم ، فلم يستجيبوا ، وكان الأنصار قد عرضوا على الرسول عليه الصلاة والسلام أن يستعين باليهود فرفض .

عسكر النبي بأصحابه السبعمائة قريبا من أحد جاعلا ظهورهم إليه وسوى صفوف المسلمين ، وطلب منهم أن لا يقاتلوا حتى يأمرهم بذلك ، واختار خمسين رجلا ووضعهم على الجبل وأمر عليهم عبدالله بن جبير وقال له : انضح الخيل عنا بالنبال لا يأتونا من خلفنا ، إن كانت لنا أو علينا ، فاثبت لا نؤتين من قبلك ، ولبس النبي درعين زيادة في الحيطة ودفع اللواء الى مصعب بن عمير .

أما قريش فعبأت رجالها بمواجهة المسلمين وقسمت فرسانها الذين بلغوا مئتي رجل الى قسمين ، أحدهما في الميمنة  بقيادة خالد بن الوليد والآخر في الميسرة بقيادة عكرمة بن أبي جهل ، وسلم اللواء الى بني عبد الدار ، وراح أبو سفيان يحرضهم على القتال ... فقالوا : ستعلم غدا إذا التقينا كيف نصنع .

مجريات وأحداث غزوة أحد

رفع المسلمون شعارهم وأخذوا يتنادون به ليعرفوا بعضهم البعض ، وجرد النبي سيفه ونادى : من يأخذ هذا السيف بحقه ؟ فسأله أبودجانة  : وما حقه يا رسول الله ؟ فأجابه : أن تضرب به العدو حتى ينحني ، فقال أبودجانة : أنا آخذه بحقه يا رسول الله ، واستلم السيف ، وعصب رأسه  بعصابة حمراء كعادته ، واندفع الى قلب المعركة لا يعترضه أحد من المشركين إلا قتله . وراح حمزة  يقتطف رؤوس القرشيين واحدا واحدا ويحدث في صفوفهم خللا واضطرابا ، لو لا أن كمن له وحشي - غلام جبير ابن مطعم - الذي يجيد الإصابة بحربته الحبشية ، والذي كان قد وعد من قبل سيده ، أن ينال حريته اذا ما تمكن من قتل حمزة ، ويحدثنا وحشي كيف قضى على العملاق ..( هززت حربتي حتى اذا رضيت عنها ، دفعتها عليه فوقعت في ثلته حتى خرجت من بين رجليه . فأقبل نحوي ، فغلب فوقع ، وأمهلته حتى اذا مات جثت ، وأخذت حربتي ، ثم تنحيت الى العسكر ، ولم تكن لي بشيء حاجه غيره ...) .

واستمرت المعركة بين المسلمين وقريش ، الا أن حرارة الإيمان والرغبة العميقة في الشهادة مكنت القلة أن تواصل القتال وتقتل من المشركين أضعاف قتلاها ، واشتدت وطأة المعركة وتمكن النبي من هزيمة أبا سفيان وتمكن الزبير بن العوام والمقداد بن الأسود من دحر القرشيين، وتراجع خالد بن الوليد وحاول الكرة من جديد ، الا أن سهام الرماة انهالت عليهم وقتلت منهم من قتلت واضطرتهم الى الانسحاب .

وقاتل المسلمون وأخذوا يجالدون أعدائهم حتى أنزل الله نصره عليهم وصدقهم وعده ، فراحوا يستأصلوهم بالسيوف حتى كشفوهم عن مواقعهم ، وكانت الهزيمة لا شك فيها .

سبب هزيمة المسلمين في غزوة أحد ( نقطة تحول )

إلا أن لحظة من لحظات الضعف البشري ساقت الرماة الذين كانوا على جبل أحد الى نسيان أوامر النبي صلى الله عليه وسلم ومغادرة مواقعهم لمشاركة إخوانهم في مطاردة المشركين وجمع الغنائم ، فنادى عبدالله بن الجبير : أما علمتم ما عهد الرسول صلى الله عليه وسلم إليكم ؟ فلم يلتفتوا إليه ، وقالت طائفة أخرى من الرماة : بل نطيع الرسول صلى الله عليه وسلم فنثبت في مكاننا . وبقي ابن جبير في عشرة من أصحابه أمرهم بالانتشار بالجبل لئلا يتيحوا ثغرة للعدو ، واستقبلوا الشمس فانقض عليهم خالد بن الوليد يتبعه عكرمة بن أبي جهل ، وقام بحركة التفاف من وراء الجبل ، فجرح وقتل الرماة الذين ثبتوا مكانهم وراح عبدالله بن الجبير يقاتلهم بما تبقى معه من نبال حتى فنيت ، ثم طاعن بالرمح حتى انكسر فكسر جفن سيفه وراح يقاتلهم حتى قتل .وخرجت أمعاؤه من ضربات الرماح.

ثم انقض خالد بخيالته على ظهور المسلمين يعمل فيهم قتلا وجرحا ، وصرخ صارخ أن محمدا قد قتل ، فتشتت المسلمون تحت وقع المباغتة المميتة ، وما أن رأى المشركون المنهزمون ما فعل خالد ، حتى عادوا ثانية الى ساحة القتال ، وأوقعوا المسلمين في شقي الرحى ، وراحوا يحصدونهم حصدا .

لم يفقد النبي عليه الصلاة والسلام رباطة جأشه ، وقدرته على القيادة والتخطيط للخروج من المحنة القاسية التي كادت تأتي على أصحابه ، ودعوته وتعرض ستة عشر سنة من الجهد والعذاب للضياع ... فرأى أن يتخذ من مكان قيادته مركزا يتجمع المسلمون فيه ثانية كي لا يتبعثروا وينفرد المشركون بهم ويحيلوا نصرهم الى عمليه ابادة شاملة ، فاتجه صوب الشعب أبو بكر وعمر زعلي وطلحة والزبير وجماعة من المسلمين بلغوا ثلاثين رجلا ، بينما كان الآخرون قد تشتتوا في أطراف الميدان ، وعاد بعضهم الى المدينة .

وراح النبي يقاتل ، حتى صارت قوسه شظايا ، ويقاتل معه أصحابه المحيطون به قتالا بطوليا مريرا ، تساقط منهم خلاله الكثير وهم ينافحون عن نبيهم ودعوته . وقف ستة من الأنصار ، يدافعون عن النبي ويقتلون دونه وكان آخرهم رجل يسمى زياد بن السكن ، أصابه جرح مميت فنادى الرسول صلى الله عليه وسلم ادنوه مني فأدنوه منه فوسده قدمه وبه أربعة عشر جرحا فمات هناك . وترس أبا دجانة بنفسه دون الرسول عليه الصلاة والسلام يقع النبل في ظهره وهو منحن عليه حتى كثر فيه النبل ، وخلص بعض المشركين الى النبي يريدون قتله ، وانهالت الحجارة عليه .. فأصيبت رباعيته زجرح وجهه وكلمت شفته ودخلت حلقتان من حلق المغفر في وجنته ، فجعل الدم يسيل على وجهه ، وجعل النبي يمسح الدم ويقول : كيف يفلح قوم خضبوا وجه نبيهم  وهو يدعوهم الى ربهم ؟.

وما لبث أن أدركه أبي ابن خلف وهو يقول : أي محمد لا نجوت إن نجوت ! فقال القوم : أيعطف عليه رجل منا ؟ فقال : دعوه وتناول حربته واستقبل بها غريمه وقذفه بها فاستقرت في عنقه فسقط عن فرسه يتلوى ومات في عودته الى مكة ، وأقبل الحباب بن المنذر يصيح يا آل سلمى فأقبلوا كتلة واحدة ، وهم يهتفون لبيك داعي الله لبيك ، وترتفع حناجرهم بشعار المسلمين : أمت أمت .

وقاتل كعب ابن مالك قتالا شديدا  حتى جرح سبعة عشر جرحا ، وانقض سعد بن أبي وقاص باحثا عن أخيه الذي كسر رباعية الرسول عليه الصلاة والسلام ليقتله ولكنه أفلت منه . وقد قاتل الصحابة رضوان الله عليهم بكل شجاعة وجرأة كطلحة بن عبيد الله ووهب بن قابوس المزني ، وابن أخيه الحارث بن عقبة اللذان قتلا  بعد أن علما أن النبي يقاتل في أحد ، وقاتلت نسيبة بنت كعب مع زوجها ، وولديها ، وأبلت بلاء حسنا فجرحت اثني عشر جرحا بين طعنة برمح وضربة بسيف ، ودافعت عن الرسول في محاولاتهم لقتله ، وجرح انها وسال دمه فسعت اليه وربطت جرحه وقالت له : قم فقاتل وضارب القوم وقال النبي : ما التفت يمينا ولا يسارا حتى وجدتها تقاتل  فسألته نسيبة : ادع الله أن نرافقك في الجنة قال: اللهم اجعلهم رفاقي في الجنة . فقالت : ما أبالي ما أصابني من الدنيا .

تمكن النبي وأصحابه من الصمود لهجمات المشركين وعلم المسلمون الذين تشتتوا في الميدان أن رسولهم لم يمت فتجمعوا حوله ، وطلب منهم النبي أن يتراجعوا صوب جبل أحد وأن يحصبوا المشركين بالحجارة ، وأن لا يسمحوا لهم بأن يلتفوا عليهم من فوقهم .
حاول القرشيون الالتفاف عن الجبل لكن تصدى لهم عمر وباءت محاولتهم بالفشل ونهض النبي الى صخرة أحد ليعلوها فلم يستطع لشدة إعيائه وثقل دروعه فجلس تحته طلحة بن عبيد الله فنهض حتى استوى عليها وأدرك المشركون عجزهم عن النيل من النبي وقد أصابهم التعب والجراح فآثروا الانسحاب مكتفين بهذا القدر من النصر على المسلمين وهو قدر وليس كما اعتقدوا.

وأشرف أبو سفيان على مرتفع عال ونادى بأعلى صوته : إن الحراب سجال ، ويوم بيوم بدر أعل هبل ! فقال الرسول لعمر: قم فأجبه وقل : الله أعلى وأجل ،لا سواء قتلانا في الجنة وقتلاكم في النار . فطلب أبو سفيان من عمر أن يقترب وقال له : أنشدك الله يا عمر أقتلنا محمد؟ قال عمر: اللهم لا ، وإنه ليسمع كلامك الآن ، فانصرف أبو سفيان ومن معه  وهو ينادي : إن موعدكم بدر للعام القابل فقال النبي لعمر قل : نعم هو بيننا وبينكم موعد .

نتائج غزوة أحد

وتوقف القتال وقد خسر المسلمون بضعة وسبعون شهيدا ، وقيل خمسة وستين ، أما المشركون فلم يزد عدد قتلاهم على ثلاثة وعشرين قتيلا ، ولم تغب  عن ذهن النبي وهو يعاني التعب والجراح أن المشركين ربما يفكروا بهجوم حاسم على المدينة وقال :(والذي نفسي بيده لئن أرادوها لأسيرن اليهم ثم لأناجزنهم فيها) وجاء عليا وأخبر النبي أن قريشا امتطوا الإبل ويمموا وجوههم شطر مكة وانتدب النبي سبعين رجلا من أصحابه لمتابعة قريش والتأكد من عدم اعتزامهم الرجوع .

أن الناظر والمتفحص لهذه الغزوة يجد أن أغلب المؤرخين قالوا: بأنها هزيمة للمسلمين ولكني أرى فيها نصرا عظيما فالنبي الذي ينقذ أصحابه بحنكته رغم تجمع المشركين حولهم بكل هذ العدة والعتاد ونشلهم من موت محقق وابادة شاملة في حنكته العسكرية وصموده وجلده في أرض المعركة وفشل المشركين من النيل منه ومن أصحابه ونجاح المسلمين في الخروج من تطويق المشركين والتخلص منه بخسائر عشرة بالمئة بقواتهم القليلة لهو نصرا عظيما مؤزرا وكما ونجح المسلمون في التخلص من الفناء التام في أحد .

وكذلك نجحوا في كشف ومعرفة المنافقين في صفوفهم قبل المعركة وبعدها ، والذي أتاح لهم تطهير جيشهم من هؤلاء الثلة ، ونخلص الى نتيجة مفادها أن نصر المشركين على المسلمين في أحد نصر تعبوي ولكنه فشل سوقي للمشركين ولا يعد النصر التعبوي شيئا يذكر بالنسبة الى النصر السوقي .

فزع المسلمين على قتلاهم وحزن النبي على ما حدث لحمزة بعد أن بقرت بطنه وتوعد بالتمثيل فيهم كما فعلوا بحمزة ولكن نزلت الآيات الكريمة تتجاوز مواقف الآلام والانفعال " وإن عافبتم فعاقبوا بمثل ما عوقبتم به ولئن صبرتم لهو خير للصابرين* واصبر وما صبرك الا بالله ولا تحزن عليهم ولا تك في ضيق مما يمكرون" النحل . فعفا النبي ونهى عن المثلة ثم جمع شهدائهم ووضعهم بجانب بعض وصلى عليهم وأمر بدفنهم في مكان مصرعهم ثم قال : "أنا شهيد على هؤلاء ،إنه ما من جريح يجرح في الله إلا ويبعثه الله يوم القيامة ، يدمى جرجه ، اللون لون دم والريح ريح مسك "

وفي اليوم التالي قام النبي بمناورة عسكرية استهدفت تحقيق عدة أهداف منها ارهاب العدو ، مشركين واعراب منافقين ويهود واشعارهم أن المسلمين لا زالوا على قوتهم ومقدرتهم القتالية ، وأن ما حدث في أحد لم يضعفهم وأنهم ما زالوا أقوياء

الدروس المستفادة من عزوة أحد

كانت حكمة الله أن يكبو المسلمين هذه الكبوة بعد سلسة انتصاراتهم في بدر وغيرها ، لأن الانتصار الدائم يعرض الجماعة لنوع من اليقين الأعمى والاتكالية السالبة ويحشر في صفوفهم الكثير من ضعاف الإيمان ،وطالبي المغانم ، فلا بد من هزة عنيفة تنخل المنتمين الى الدعوة وتسقط عنهم اولئك الذين لا يقدرون على الصمود ومجابهة الخطر وجها لوجه ، وممارسة الموت بإيمان .

تمحيص المسلمين وكشف حقيقة المنافقين الذين تخاذلوا عن الغزوة وبيان خطرهم على أمة الاسلام وأنهم لا عهد لهم ولا ذمة ، وثبات المسلمين أصحاب الإيمان السوي الصحيح وذودهم عن نبيهم واستشهادهم في سبيل اعلاء كلمة الله .

حكمة النبي عليه الصلاة والسلام وحنكته العسكرية في الخروج من هذه المعركة بأقل الخسائر وانقاذ أصحابه من موت محقق كاد أن يفتك بهم وشجاعته صلى الله عليه وسلم في التصدي لعدوان قريش وصموده رغم عددهم وعدتهم وعتادهم واحاطتهم من جميع الجوانب .

خطورة المشركين على مر الزمان على أمة الاسلام وسعيهم الحثيث للنيل من عقيدة المسلمين وطمس كل محاولة لرفع راية الاسلام خفاقة ومحاربة المسلمين أينما وجدوا للقضاء عل أمى الاسلام وعلى عقيدتهم .

##############

غزوة بدر الكبرى

تعليقات
ليست هناك تعليقات
إرسال تعليق

إرسال تعليق

الاسمبريد إلكترونيرسالة